بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 28 نوفمبر 2010

من مذكرات أحلام (1)


أحلام اسم على مسمى , مليئة بالأحلام والجنون والعبث , لا تكبر أبدا , تخزن الكثير من القصاصات والأقلام التي نفد حبرها في خزانة صغيرة ضاع مفتاحها منذ زمن, لا زال كرسيها البني يقبع بمحاذاة سريرها , آخر مرة دخلت فيها غرفتها كانت روايات (أحلام مستغانمي ) تتوسط سريرها , استقبلتني بالكثير من القبل , وشكولاها المفضلة باتشي , دردشنا دردشة سريعة عن الدراسة, أختها مها, أخي عبد الله, استأذنتني دقيقة لتعود بدفتر أزرق توجهه نحوي قائلة : هاك اقرئي بصوت عال . تحب أحلام صوتي وأنا أقرأ , تقول بأنه دافئ وعميق , وتخمن بأنني سأعيش قصة حب طويلة بلا نتيجة واضحة , تأملت الدفتر لبرهة وكان أزرقا فباغتها : لم أزرق وليس مارونيا
أجابت ببؤس: إجبارا وليس خيارا
تناولت الدفتر لأقرأ في صفحته الأولى :

(مساء الأفكار الجنونية :
ثمة فكرة جنونية كانت تعتري رأسي الممتلئ منذ فترة ليست بالقصيرة , حاولت جاهدة طردها أو تناسيها , اليوم عادت تلح علي من جديد , لم أملك حيالها سوى الرضوخ والاستسلام..


أنا هنا-في هذه المساحة –التي أعتبرها جد واسعة اكتب لمجهول هو أنت أيها السيد .


لا أستطيع أن أجزم وأن أكون صادقة في جزمي هذا وأقول أن الهدف هو أنت وفقط, لن أنفرد بصفحاتي هذه بك وحدك فقط, فالعالم رحب جدا , ولا أستطيع –في الوقت ذاته- أن أدعي بأنك لست مهما لحمقاء مثلي وإلا لما أعطيتك مساحة كبرى هنا .


اكتب هنا لك,ولنفسي لأقنعها بأنني لا زلت قادرة على الكتابة بأسلوب مقبول إلى حد ما .


ربما أكتب لأسلي روحي ولأحاول إقناعها بأن الكتابة قد تخلصني منك .


نعم, اكتب هنا لأتخلص منك وليس إليك..


سيدي :أدرك تماما بأنني ارتكب حماقة جديدة ولذيذة إلى حد ما هذه المرة حماقة أن تكتب لمجهول تعتقد بأنك تعرفه , وبأنه يسكنك !


هل يمكن أن نكلف أرواحنا عناء الكتابة عن والى أحدهم إن كان لا يهمنا بطريقة أم بأخرى ! لست أدري


كل ما أعرفه انك ستكون هنا بطلا بلا رواية , وربما بلا أحداث .


فكرت مليا قبل الشروع في تطبيق حماقة كهذه , وترددت كثيرا, ولا زلت جد خائفة.


الكتابة مخيفة أحيانا , بالأخص عندما يخطر ببالك وتتوهم للحظة بأنها قد تخلصك ممن يسكنون بداخلك, ممن وجدوا بلا مقدمات , والأدهى من هذا كله ممن قد لا يكون لهم وجود أصلا !


حدثني أحدهم ذات مساء:بأن بعض الحكايات ليس سوى أوهاما وسرابات, ففكرت للحظة بأنني ذكية وبأن فكرة كهذه قد تنطلي على عقلي المتعنت فيحذفك من أجندته, لكن ما لم أدركه وقتها بأن الرواية قد بدأت ولا مفر .


ثمة أفكار كثيرة جدا تقاذفها عقلي وأنا أغسل طبق غدائي ,وتمنيت ساعتها لو كان بإمكاني أن أدونها فيه وأغسلها مع الصابون ولا يغدو لها وجود.


ارتكبت الحماقة,وهاأنذا أكتب لك ولأتخلص منك.)


توقفت هنا , وأنا أنظر إليها نظرة ملؤها الكثير من الاستفهامات وفضول الأنثى عندما يتعلق الأمر بالجنس الأخر .


كنا قد اتفقنا بأن نلتقي نهاية كل أسبوع لنقرأ بعضا من الدفتر الأزرق الذي كان يجب أن يكون مارونيا , لكنني ومنذ بعد أول قراءة لم أتحمل أن انتظر لأسابيع قادمة طويلة لأعرف الحكاية بأكملها !


أنا: أحلااااااام, ما الحكاية؟


هي: أخبرتك بأنها رواية بلا أحداث وبلا بطل , هنالك أنا أحلام وفقط!


قالتها كمن لا يهمه الأمر , وكأنها تحكي أحداث فيلم بائس يشبه ذاك الذي شاهدناه في سينما الشاطئ منذ أشهر لتضحكني بلهجتها الرنانة وبلغتها الانجليزية الفصيحة:


oh my god , it was dull dullllllllll , the hero was treated as a beggar ,and the conclusion was not realistic at all!


لا أدري حقيقة إن كان استخدام dullفي الجملة أعلاه صحيحا أم أن أحلام كعادتها تصنع لنفسها قالبا خاصا في كل شيء!


صمتنا لدقائق , كانت تلعب بشعرها كعادتها قبل أن تشرع بحديث جدي , وكنت أقلب روايات مستغانمي التي كنت قد عشت كل تفاصيلها مع أحلام , رغم أنني لم أقرأ إلا واحدة منها فقط!


جلست على حافة السرير وعلى غير عادتها كانت هادئة جدا بدأت حديثها : أنوار: عندما تقول المرأة لرجل أكرهك , فإلى أي مدى هي تحبه!


أنا:..................


لم تنتظرني طويلا لأقول شيئا بل تابعت : الصمت كذبة يا أنوار نمارسها على ذواتنا لنوهمها بأننا قادرين على النسيان ,أوليس النسيان حماقة أيضا!


الآن أصدق شهرزاد جيدا حين كتبت لي في بريد إلكتروني : عندما نحب فأننا نرتكب كل الحماقات


هل كانت مستغانمي سادية عندما كتبت ذاكرة الجسد وبعدها بسنوات جاءتنا بنسيان كوم لتنفي عنها التهمة!


تنفست بعمق لتواصل : الصمت خيار أفضل من النسيان أليس كذلك!


لا لا , الصمت ليس خيارا مع أن صفاء كانت تؤكد لي بأنه كذلك .


هل تعلمين يا أنوار بأن البوح يقدم النهايات ويقتل تفاصيل جميلة قد تولد لاحقا في رواية غير واضحة الملامح!


هل قرأت( أحببتك أكثر مما ينبغي ) لأثير عبد الله!


أحببتك أكثر مما ينبغي وأحببتني أقل مما أستحق , ليت روايتي تشبه رواية أثير , يكفيها بأن بطلها كان حاضرا في الرواية ويشترك في جميع فصولها , على خلاف روايتي التي لا يمثل بطلها سوى ضميرا غائبا , أتعرفين: ربما يجب علي أن اكتب رواية , أليست فكرة صائبة!


كنت صامتة ومندهشة منها , عرفتها منذ عشر سنوات ونحن على مقاعد الإعدادية , لم أرها ثملة كالآن أبدا , كان تهذي بكلام غير مترابط , وأحاول أنا ربط الأحداث بالاستفهامات لأفهم شيئا, ولكن بلا جدوى


وضعت رأسها فوق كتفي وأدارت المسجل ليشدو العندليب الأسمر (أول مرة تحب يا قلبي ) وراحت تحلق في عالم بعيد وأنا بصمت أحمل رأسها على كتفي مستوعبة لا شيء..


بعض الحكايات قد لا تنتهي!





هناك تعليق واحد:

  1. أحلام..مها ..شهرزاد..أنوار..صفاء..أثير !
    الأنثى حاضرة بقوة

    "أنا هنا-في هذه المساحة –التي أعتبرها جد واسعة اكتب لمجهول هو أنت أيها السيد ."
    أعجبتني كثيرا

    أحسنت رحمة ففي هذه التدوينة تبين لي انك تجيدين قراءة مشاعر الأنثى جيدا..يبدو أن الحياة قد فعلت فيك مفعولها
    أخيرا: الحكايات تنتظر منك تصوّر النهاية
    حتى تنتهي

    ردحذف