بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 29 نوفمبر 2013

كل عام وأنا بخير..


ابتعدت كثيرا جدا عن هذا المكان الذي كان لفترة طويلة سابقة ملجأ لكل  عارض من الفرح أو الإكتئاب على حد سواء. اليوم أعيش في دائرة مغلقة محاطة بأسوار تشتد سماكتها يوما بعد يوم بإختياري ولا أملك التذمر حيالها لأنني أؤمن جدا بان حياتنا هي ما تصنعه أفكارنا وقرارتنا .


في حقيقىة الأمر لم تكن وحدتي نتاج قرار شخصي بحت بل نسبة كبيرة منها كانت نتاج فترة البؤس والبطالة الطويلة جدا التي جربت فيها كل المشاعر الإنسانية التي يمكن أن يشعر بها من عاش مائة عام حياة مملوءة بشتى أنواع المصاعب والمغامرات والقوة والضعف على حد سواء.


ولأكون منصفة في حق السنوات الأربع الأخيرة من عمري, سأقر وأعترف, بأن الفضل الأكبر في نمو وعي القرائي والكتابي والمعرفي كان يعود إليها ,فهي من خلقت مني رحمة مختلفة تماما عما كانت عليه قبل أربع سنوات سابقة ,وأقصد بالاختلاف هنا هو الاختلاف الايجابي بالطبع.


في خلال السنوات الأربع الماضية قرأت ما يقارب 110 كتابا في شتى المجالات, وان كان معظمها يصب في صالح الأدب. تعلمت عادة أن أقرأ باللغة الانجليزية حتى وصلت لدرجة متقدمة أصبحت أستطيع فيها قراءة رواية من 450 صفحة في غضون أسبوع فقط..


علمتني فترة البطالة كيف أكون قارئة متذوقة إلى حد جيد,وكيف أنقد وأفند وأقيم كل ما أقرأه دون التحيز لكاتب أو لون مفضل من القراءات ..

ساعدتني هذه المرحلة من حياتي بأن أتصالح مع الكتابة إلى حد ما ,فلطالما كنت أعتقد بأنني كاتبة فاشلة وأعجز دوما عن التعبير عن أفكاري بأسلوب وجيز وبأبسط الطرق.


كشفت لي هذه الأربع سنوات من عمري الكثير مما كنت أجهله عن نفسي .أكدت لي بقوة كيف أنني كائن شرس بامتياز  عندما يتعلق الأمر بحريتي الشخصية ,وكيف أنني على أهبة الإستعداد لأن أخسر أيا كان من البشر لمجرد محاولته الإقتراب من عالمي الخاص بل الخاص جدا.


وبأنني أعشق الحرية بشكل عجيب , ولتسقط معي كل تقاليد وعادات المجتمع إن كانت مجاراتها والإمتثال لها سيمس شيئا من استقلاليتي وحريتي..


فهمت جيدا بأن الإحباط حالة صحية جدا على ألا تطول ,وبأنها مرحلة عابرة تستسلم فيها النفس للحزن وشيئ من البؤس لتعود أكثر قوة وصلابة مما كانت عليه..


ولأعترف أيضا بأن هذه السنوات الأربع أفقدتني كل علاقاتي الإجتماعية السابقة وجعلتني كائنا افتراضيا بامتياز,حيث أن كل علاقاتي الإجتماعية لا تتعدى أن تكون حوارات عابرة وأغلبها لا تسمن ولا تغني من جوع  في عوالم افتراضية مظلمة .. وأسهمت بشكل كبير في تراجع ثقتي بنفسي فيما يخص الجانب الإجتماعي من حياتي ,حيث أنها كرست بداخلي حب عميق ومخيف للوحدة والعزلة لدرجة أن حضور أي مناسبة اجتماعية بات لي كمن يساق إلى الموت , وحتى أن دوري فيها لا يتعدى أن يكون ثانويا صامتا بذهن مشتت ورغبة قوية للعودة إلى منفاي وعزلتي وكتبي..


ولأننا نحن البشر نتلذذ بممارسة أنواع شتى من وسائل خداع الذات فإنني أقول لذاتي ثم لكم بأنني سأتجاوز الفقرة السابقة وسأركز على ما سبقها منذ بداية المقال.. كم نحن بحاجة إلى خداع كهذا أحيانا!!
أن تكون كائنا بسقف توقعات عالية ,يعني أن تكون دائما عرضة لخيبات أمل كبيرة بالأخص اذا كنت تحيا بين عقول يصعب عليك التوافق معها,ليس بالضرورة لأنك أكثر وعيا وتفتحا منها بل لأن نقطة التقاءك معها ضعيفة لدرجة كبيرة !! خيبات الأمل المستمرة تكسبك مناعاة قوية ضد الإنكسار وتجعلك عنيدا بعض الشيء في التمسك بهذه التوقعات أو ربما رفع سقفها أيضا..

ليس سيئا أبدا بأن تكون ذو سقف توقعات عالية وإن كان من حولك- وهم الأغلبية طبعا-  يحاول  التثبيط من عزيمتك حيال الأمر,لأن رأي الأغلبية لا يعبر بالضرورة عن ما هو صائب دوما..
من الجميل أن تكون صريحا وعاريا جدا أمام نفسك , وتكون دائم التأنيب لها ,فأنت بذلك تخلق فرصة جيدة لولادتها من جديد,ولكن عليك بأن لا تنتهج الأسلوب ذاته في جميع الحالات,فثمة حالات تتطلب عناية وأساليب خاصة.

 هاهو ديسمبر يقبل علينا ضيفا ,وما أجمله من ضيف.أحب ديسمبر بنفس الدرجة التي أخشاه بها ..في ديسمبر تنتهي كل الأحلام لتبدأ أخر ,وهو شهر الحساب حيث فيه يكرم المرء أو يهان..
في ديسمبر كانت صرختي الأولى ,وفي التاسع عشر منه هذا العام سأكمل الثامن والعشرين من عمري.
أعتقد جدا بأننا نملك ما يكفي من الأسباب لنحب ذواتنا ونعتد بها حتى لو لم  نكن نعيش معها في حالة تصالح وانسجام.


ثماني وعشرون عاما مرت بلا رجعة ,تعلمت فيها الكثير, وتمنيت الكثير,أجهضت أحلاما ووجدت أخر ولا زلت في قيد البحث عن الكثير..


كل ما أذكره هو تلك الطفلة التي تجلس على الأرجوحة وتقرأ رواية لأجاثا كريستي التي ماتت فيها البطلة ب سم الزرنيخ , ودميتي التي كانت تصل لثلاثة أرباع طولي التي كسر أخي الأكبر رجلها , ودفتر الملصقات الأحمر الذي بقيت أبكيه أسبوعا بعدما أقنعني أخي بتلوين بعض من صفحاته بالأسود, نتيجة الثانوية العامة , حفل التخرج من الكلية .......................................


لا أعلم كم من الزمن سأعيش ,ولست أدري ان كان في الذاكرة متسع لذكريات جديدة , ولكنني أعرف جيدا كم تغيرت وكم كبرت ,كبرت لدرجة  لم يعد بإمكاني تذكر بأنني كنت يوما في العاشرة من عمري.


كل عام وأنا بخير ,سأقولها مرة أخرى لنفسي في 19 من ديسمبر المقبل,وسأبتاع لنفسي باقة ورد حمراء من محل برزمان في الغبرة الشمالية, وسأشتري أيضا هدية –لم أفكر بعد في ماهيتها- في غلاف أحمر أنيق, لأنني أ س ت ح ق ..


من قال بأننا يجب أن ننتظر أحدهم بأن يتذكر أعياد ميلادنا ويهدينا باقة ورد ويبعث لنا برسالة في الثانية عشر ليقول لنا "كل عام وأنت بخير,والعمر كله إن شاء الله" !!!
لنفعل ذلك لأنفسنا..


طوال فترة طويلة من أعياد ميلادي السابقة كانت تراودني أمنية مجنونة بأن يأتيني اتصال من محل للورود ليخبرني بأن هنالك من يهديني باقة ورد وهدية , وكنت من شدة غبائي اظل طوال اليوم أترقب وأتفقد هاتفي, رغم انه لم يكن هنالك قط من الأحدهم من الجنسين من كان متوقعا أن يفعل أمرا كهذا..هذا العام سأحقق هذه الأمنية لنفسي وبنفسي..

بعض الجنون فنون..

\2013-11-30
1:24 am
Ibra




الخميس، 12 سبتمبر 2013

وهــــــــــم



ملاحظة:القصة أدناه خيال في خيال ,وستنتظرون النهاية طويلا : )                                                      
إلى أمل :
( نحتاج إلى شيء من الوهم والصمت لنعيش)

كانت فارغة جدا من كل الحكايات ,لكن مثلها لا يجدر به إلا أن يكون بطلا , لم تكن تعي بالضبط إن كان ذلك وهما إختلقته لنفسها لتعيش به نشوة الإمتلاء. لا يمكن أن نعتبر ما حدث مصادفة ,كل شيء يحدث لسبب ,وفي بعض الأحيان لهاثنا الدائم وراء هدف ما قد يقودنا إلى آخر مختلف تماما. وثمة أبواب قد تؤدي بنا إلى المنشود ذاته ولكن بطرق وزمن مختلفين.


بدا اللقاء الأول وكأنهما يعرفان بعضهما منذ زمن, وكأن ما كان يدور من أحاديث وتبادل النظرات على استحياء من كليهما , ولحظات الصمت القصيرة , حدث في زمن سابق أو مقطع من فيلم أو قرأته في رواية ما.
لمخيلتها قدرة استثنائية على تخيل حكايات ورسم سيناريوهات وتعديلها في أزمنة لاحقة ثم تصديق ذلك كله وكأنه حقيقة,لكن الأمر هذه المرة كان بالفعل حقيقة, رغم كل هذا لم يتسنى لها في ما بعد ان تسترجع شيئا من حوارهما الطويل, كل ما بقى في ذاكرتها المعطوبة هو صوت صمتهما الذي سيطول لاحقا.


تبدو الحياة ساخرة جدا في أحيان كثيرة, تجعلنا فريسة خيارات محدودة غير محبذة,نقف عندها عاجزين عن فعل أي شيء سوى الإستسلام لها ,ونخوض غمار معارك كثيرة نتائجها في الغالب محسومة سلفا,وما إن نتأقلم مع تعاستها لتصبح جزءا منا حتى تفتح أمامنا  كل ما أوصدته من أبواب في زمن سابق.نكون عندها قد تصالحنا تماما مع تعاستنا التي باتت واقعا أكثر أريحية .


في مقهى الأسرار إلتقيت بها بعد غياب دام لعام وبضعة أشهر, ولمقهى الأسرار سر لم يعرفه عدا مجموعتنا التي تكونت من خمس مجنونات للقهوة عاشقات , افترق الشمل بعد أن تزوجت ثلاثا منا وبقينا أنا وهي في عداد الحرات الطليقات كما تسمينا هي والعوانس كما أسمينا أنا . أطلقنا عليه مقهى الأسرار لأننا كنا نجتمع فيه لنسمع في كل مرة سرا لا يخلو من مغامرة عاطفية لنصرخ كثيرا ونقهقه على حكايات لم تنجح منها إلا واحدة ,أو على الأقل هكذا خيل إلينا وقتها .  


جلسنا على الطاولة ذاتها في الجهة الغربية للمقهى , على الأريكة ذاتها التي تغير لونها إلى المارون . كانت إضاءة المقهى أقل حدة ورائحة القهوة فيه أكثر تركيزا . لم يتغير كثيرا,لكن غياب صديقتنا (جين) النادلة الفلبنية أشعرنا بشيء من الأسف.

 كانت تبدو شاحبة بعض الشيء ولون شيلتها الفاتح كان قد زاد الأمر سوءا, لكنه لم يخفي أبدا جمال وتناسق كل شيء في وجهها . صوتها الهادئ ووضوح مخارج حروفها عند الحديث يشعرني أحيانا بأنني أقف بين يدي خطيب فصيح له صيت طويل في الخطابة.


لطالما كنت أتشوق لحديثها الذي لا أمله ,كانت الوحيدة من كل الاخريات من نجحت في جعلي مستمعة جيدة . لحديثها سحر لا يمل ,وتستطيع دوما بأن تنقلك من حديث لآخر دون أن تشعرك بذلك .
سألتني- بعشوائية وكعادتها عندما تقفز من موضع لآخر ومبررها الدائم هو أن كل الأمور مربوطة ببعضها بروابط عجائبية أحيانا قد لا نكتشفها إلى بعد حين- :
-هل هنالك أشخاصا يمكن أن نلتقيهم بعد فوات الآوان !
وأردفت,
_ولكن الأوان لا يفت أبدا ,أليس كذلك؟
وأعقبت بسؤالين آخرين:
_ لكل شيء حكمة وسبب , لكن لم جاء في هذا التوقيت بالذات!
_ هل تتآلف الأرواح المتشابهة كما يذيب المثل المثل في الكيمياء !


صمتنا لدقائق بدت لي طويلة ,كنت أحدق بها وهي تفتح غطاء كوب القهوة لتعود لتغلقه من جديد مرات ومرات ..


عرفتها في سنتنا الدراسية الجامعية  الثانية , ولا زالت ذكرى لقائنا الأول عالقة في ذاكرتي وكأنها حدثت بالأمس . تحت شجرة كبيرة تتوسط قسم العلوم , كنا نستأنس تحت ظلها ونجتمع عندها لننقل من بعضنا  فروضنا الجامعية في الدقائق الأخيرة قبل  تسليمها.



 عرفتني عليها صديقة مشتركة ,بادلتني التحية بإبتسامة واستحياء نسيت وجوده بين صديقاتي الثرثارات . كانت تحتضن كتبها الدراسية كأم تمسك يد طفلها وهما يعبران الشارع.
.
بعد أن افترقنا عنها, قلت لصديقتنا المشتركة بسخرية : تبدو طالبة علم بإمتياز  ,فضربتني بكتابها الثقيل على رأسي.

لم يكسر حاجز صمتنا سوى صوت النادل :

-would you like to try our new cup cake mum! It’s for free

أجابته بهدوء كعادتها وبإبتسامة حزينة :
-No, Thanks


 تابعت حديثها بتردد واضح وبعشوائية مقلقة : إلتقيته ولم تكن مصادفة , وحدها الأقدار من تدرك وصوله في هذا التوقيت بالذات, لكنني أخشى أن يكون الأوان قد فات . كم سيلزمني من الزمن لأعرف.


تدركين جيدا يا صديقتي كم أمقت لعبة الزمن وما تمارسه علينا من سلطة نحن البشر المغفلين,لو نستطع فقط أن نتعايش مع حقيقة كونه وهما لا أكثر .
نحن بحاجة لكثير من الوهم والصمت كي نعيش. أوتدركين أن الحقائق المسلم بها هي في بواطنها أوهام !


صمتت قليلا ثم واصلت حديثها:

إلتقيته هنا في زمن لا أذكره لأنني لم أكن لأعترف به , ويا ليتني فعلت وقتها . كان يجلس على الأريكة ذاتها التي أجلس عليها الأن, يرتدي نظارة ذهبية تبدو صغيرة بعض الشيء على وجهه الممتلئ  الذي ظهرت فيه  تجاعيد تبدو حديثة . يستطيع الناظر إليه ان يلاحظ بوضوح كم يبدو هذا الوجه الممتلئ دائريا, وكأنه رسم بفرجار بواسطة معماري محترف . عيناه متوسطتا الحجم برموش كثيفة وجميلة ومرتبة ,بشرته المائلة إلى الحنطاوية ذكرتني بجارنا أبو محمد الذي يبيع السن توب المثلج أمام مسجد الحارة عصر كل يوم. رغم أن أنفه كان صغيرا بعض الشيء إلا أنه لم يكن ليقلل أبدا من جاذبيته. كمه بخيوط زرقاء كانت تفترش رأسه ودشداشته البيضاء كانت تحمل خيوطا بالسمك واللون ذاته. في يده اليمنى خاتم فضي ولم يكن يرتدي ساعة وهذا كل ما كان يهمني في الأمر.


مكث هنا لوقت طويل ,–أو على الأقل هكذا بدا لي وقتها- , لا أعلم كم من الحيوات مرت أو كم من التفاصيل استطاعت ذاكرتي المحشوة بالصمت أن تكتنز .




وللحديث بقية..


23:52pm
12-9-2013
Muscat



الأحد، 7 أبريل 2013

لم تبدأ بعد..




سأعترف بشيء من التردد وللمرة الأولى بأنه ليس سيئا جدا بأن تكون

 عاطلا عن العمل على الأقل في الوقت الراهن بالنسبة إلي.

.
ليس من اليسير على كائن بسقف توقعات عالية ومتطرف مثلي أن يُسلم

 بحقيقة كهذه. مرد إعتراف كهذا لم يأتي عبثا أو من فراغ ,بل من يقين تام 

هو وليد أربع سنوات من الإنتظار والمرارة وخيبات أمل لا معدودة.


خلاصة القول : حياتي أقصر بكثير من أن أضيعها في إنتظار وظيفة قد لا 

تأتي ! وإن جاءت قد لا تلد رحمة مميزة كما كانت وأردتها دوما.


في أحلامي الوردية التي لم ولا أظنها ستفارقني , تمنيت أن ينزل لي راتب

 من السماء شهريا لأسد به إحتياجاتي الأساسية وأن أقضي بقية أيامي القادمة 

في الدراسة.


دراسة إلى ما لا نهاية . وأن أكرس جزءا قادما من حياتي أقضيه بين آبار

 النفط ومختبرات الكيمياء وأخرج ببحوث علمية دقيقة تضيف شيئا لنا كأبناء 

بترول كما كان يسمينا  الماغوط –رحمة الله عليه.


في فترة ماضية طالت كثيرا وجدت نفسي مفلسة تماما من الأهداف والخطط 

,ووجدت نفسي أمام كائن يملاؤه اليأس والخوف من القادم , حتى بدت لي

 الأشياء تشبه نفسها إلى حد التطابق.


عشت أياما طويلة من السأم واحساس عميق بالأجدوى حطمني وأحالني إلى 

كائن فارغ تماما من كل شيء حتى من أبسط مظاهر الحياة.


لم أستطع أبدا أن أتقبل بأي طريقة أن أحتفظ بشهادتي في خزانة كتبي 

وأنسى تماما كل شيء له علاقة بالكيمياء.


كان الأمر بالنسبة إلي مصيبة أن أنسف كل طموحاتي وأمالي وراء ظهري

 وأردد عسى خير أو أن أنتظر وزارة القوى العاملة أن تمن علي بوظيفة

 تقتلني فقط لأحصل في نهاية الشهر  على راتب لا يسمن ولا يغني من

 جوع .


في فترة ما من حياة البطالة التعيسة السابقة –سابقة – لأنها لن تعود ولن

 أسمح لها أن تعود, كان همي الأول هو أن أعمل في أي وظيفة أتقاضى

 منها عائدا ماديا يكون جسرا لتحقيق طموحي, لكن الحظ وقتها لم ينصفني

 أبدا ولا حتى بنصف وظيفة!

ثمة نوع من البشر لا يتعلمون ولا يقتنعون إلا إذا زجوا بأنفسهم في وسط 

المعمعة وجربوا كل تقلباتها .قناعاتهم تكون وليدة تجارب شخصية حقيقية

 وأجزم بأنني من هذا النوع بإمتياز.


بقيت أقتلني من اليأس والسقوط لفترات طويلة ثم أعاود الوقوف وأتحلى

 بربع بصيص أمل بأن القادم أفضل . بعدها أعيش حالة قصيرة من الامبالاة 

شديدة وأتجرد فيها من كل المشاعر ,أتجاهل كل شيء وأفتح كتابا لا أصل

 إلى الصفحة العشرين منه إلا بعد أن أكون قد وصلت إلى اليوم العاشر

 وبمقاومة بسيطة من مزاجي المتعنت أترك الكتاب لأنتقل إلى آخر لكن

 الوضع كان يسوء في كل مرة .


في كل مرة أكرر فيها الديباجة ذاتها وأنا فارغة كليا من خيارات أخرى.كان

 الأمر أصعب جدا من أن أصفه لكم ,ولأنني لست كاتبة جيدة يبدو الأمر 

أكثر صعوبة .


رغم كل البؤس الذي أغرقت فيه ذاتي في فترة حياتي السابقة إلا أنني تعلمت 

الكثير . أصبحت بارعة إلى حد ما في تجاهل فوضى الأصوات السلبية

 بداخلي ,وتبنيت فلسفة(سفه) لكل حالة إحباط تحاول أن تغزوني بإسم

 البطالة.


أعترف بمرارة بالغة بأنني قتلت أربع سنوات من عمري القصير في 

خضوع وإستسلام لقناعات كادت أن تدمر حياتي القادمة أيضا,لكن ما يخفف

 وطأة الأمر علي هو أنني إن لم أكن قد قتلت تلك السنوات لم أكن قد ولدت

( رحمة) جديدة قوية وصامدة.

نعم صامدة وسأصل إلي مبتغاي قريبا ,وبي من الحب للحياة والحافز والأمل 

الكثير .

بدأت التدوين فور تخرجي وفي اللحظة التي قررت فيها أن أطلق على

 مدونتي (صمود) كنت قد قطعت على نفسي وعدا بأن أصمد وأبقى قوية 

كما كنت دائما .

اليوم وفقط أنا صمووووووووووود
J
   ولأن الندم يغطيني من أعلى رأسي حتى أخمص قدماي على سنواتي التي

 أجهضتها في اليأس فقد قررت أن لاأضيع دقيقة واحدة من حياتي القادمة في 

البكاء على البطالة.

لست عاطلة عن العمل , بل لدي عقلا مفكرا يستطيع أن يدير ويفكر ويحلل

 ويفند وينقد وسأكون يوما كما أريد.

قبل أن أبدأ بكتابة التدوينة أعلاه إخترت العنوان مسبقا وهذه ليست عادتي , 

فدائما ما أدع العنوان للنهاية .

(لم تبدأ بعد) نعم  فحياتي بدأت فقط بعد أن أنهيت هذه التدوينة .

دعوها كميثاق لتذكروني به إن حدت عن الطريق يوما ما .

حياتي الحقيقية بدأت الآن.

12:49 ص
8-4-2013
الغُبرة
 

الجمعة، 15 مارس 2013

لا شيء يستحق الذكر...


بعد آخر تدوينة لي ,كنت قد قررت أن أكتب يوميا رغما عن مزاجي المتعنت , لكنني

 أدركت بعدها بوقت قصير بأنني لم أكن سوى واهمة .الكتابة هي أمر لا يمكن أن 

يحدث قسرا وعلى جميع الأجواء الرأسية والمزاجية أن تتواطئ معه وإلا بات

 الإنسحاب خيارا وحيدا للإحتفاظ بماء الوجه أمام الضمير الدائم التأنيب!!


في بعض الأحيان من المفيد والجيد أن تملك ضميرا دائم التأنيب أو أن تكون كائنا وقتيا 

,يرعبه سيف الوقت .يجبرك أمر كهذا بأن تراجع نفسك دوما وأبدا لستفزها للمضي قدما .


أربعة كتب في أقل من أسبوعين كان إنجازا عظيما بعد إنقطاع مقلق جدا عن القراءة

 بالنسبة لكائن لا يستهوي غيرها كهواية .من ذو زمن طويل وأنا أتمنى أن أصاب

 بإسهال قرائي كهذا .

في معظم المرات التي أهرع فيها إلى الكتابة يكون ذهني مشوشا وأفكاري متداخلة 

,وحدها الكتابة من يفلح في ترتيب داخلي على نحو وكيفية لم أفهمها يوما
 .
لكن الأمر يحزنني الآن لان ذهني يبدو فارغا من كل ذلك التشتت الذي كان يصنعني

 ,يعيد صياغتي وخلقي من جديد في كل مرة .


أحاول أن أتناسى البطالة وتأثيرها المرير الذي غرقت في عوالمه لفترة طويلةو أفقدني 

الكثير جدا مما لا أود ذكره الأن وصار لزاما علي تجاوزه .


لم يعد الأمر بالنسبة إلي بذلك السوء , وأصبحت أحاول إغتنام كل الفرص حتى  أسكت 

كل محاولة لضمير ألف التأنيب إن فرطت في فرصة بقصد أو بدون قصد.

كل شيء يبدو هادئا روتينيا وأحلام متواضعة تتطلع لترى النور قريبا ,على الأقل هذا ما أأمله.

12:37 ص

15-3-2013

الغُبرة