عندما يقرر المرء منا أن يكون سعيدا –وهو قرار ليس بالسهل أبدا- فهذا يعني أن يخوض حربا ضروسا مع جميع المحبطات حوله بكافة أشكالها ومقادير تأثيرها وانتشارها في داخه أولا وقبل كل شيء . قد لا يعي مدى صعوبة قرار كهذا الا من كانت لديه نية واضحة وخظوات عمل جادة ازاء محاولة تحقيق هذه المعادلة.
لن أتحدث هنا عن مفاهيم السعادة التي لا حصر لها ,لسبب بسيط جدا وهو أن السعادة أمر نسبي بحت , تختلف كل مواده المتفاعلة وعوامله الحفازة من شخص لأخر وإن كانت هنالك نقاط تقاطع يشترك فيها البعض.
عندما تقرر أن تكون سعيدا فإنك تبذل كل ما تملك من طاقة لتحقيق ذلك , كممارسة الرياضة يوميا بعد ساعات دوام طويلة وعمل منهك جسديا , الابتعاد عن مصادر كثيرة تشعرك بالقرف –وما أكثرها في عصرنا- كالانترنت وصداقات الفيس بوك التي لا طائل منها غالبا , رسم خطة بعيدة المدى على جميع الاصعدة مما قد يفتح لك أبوابا جديدة , التعرف على أناس في محيط عملك قد يكسبك الاحتكاك بهم والاستفادة من تجاربهم دروسا وخبرات في حياتك العملية , تبني هوايات جديدة .....إلخ
بإخنصار أنت تبذل طاقة كبيرة كي تكون إيجابيا ,وتحاول أن تعيش ضمن إطار المعقول وبأن ترسم أحلاما تستطيع تحقيقها يوما .. ولكن ماذا اذا كنت تعيش في وطن يبذل كل ما في وسعه ليقتل أحلامك وطموحاتك ,يجعل أيامك تشبه بعضها .
تناضل لعامين كاملين للحصول على وظيفة ,وعندما تبتسم لك الاقدار قليلا تحصل على وظيفة مؤقتة لا تمت لما كنت تحلم للوصول إليه بصلة , لكنك رغم هذا تسعى جاهدا بأن تتأقلم مع ما هو موجود لانك تتذكر بأنك يجب أن تحقق معادلة السعادة التي ترجوها .. ينتهي عقد العمل الذي حصلت عليه , وهذا يعني العودة مجددا للبحث عن عمل وعن أمل في النهوض بذاتك الحالمة ..
تطرق جميع الابواب , وتظل تنتظر برجاء وترقب فرصة جديدة ..
في وطني :لا تدرس الكيمياء وان كنت لا ترى في قدراتك ورغباتك الا كيميائيا , لانه لا متسع للكيميائيين فيه وهوفي الحقيقة بلد نفطي من الطراز الاول !
في وطني :لا تفكر أبدا بأن تحمل شهادة عليا وان كان طموحك يناهز السحاب , لانه لا يكترث بأن تصبح خبيرا أو متميزا وإنما يفخر كثيرا بالخبراء الوافدين ليمد بهم جسر تواصله مع العالم الخارجي ويثبت له بأنه الأكفأ دوما وأبدا !
في وطني :لا تحلم أبدا بأن تملك منزلا يحتويك وشريك حياتك الا بعد مضي 10 سنوات على زواجكما مع أقساط يمتصها منكم البنك لعشرين سنة قادمة على أقل تقدير !
في وطني : أمامك خيارين لا ثالث لهما في إجازة نهاية الاسبوع :إما أن تعود إلى بلدك الاصلي إن لم تكن من سكان العاصمة أو أن تقضي وقتك تتابع أفلام ام بي سي إن لم تكن ترغب بأن تصاب بإكتئاب محتم من زحام الطريق والاماكن الثلاث ذاتها التي يتصادم فيها كل سكان البلد!
مرهق جدا أن تسير في قطار لا تعلم في اي محطة سيوقفك! وكم من الزمن ستقضي منتنقلا من محطة إلى أخرى !
متعب جدا أن لا تكون متأكدا من أي شيء يخص مستقبلك ,وأن لا تملك خيارا سوى الانتظار وترديد موال (عسى خير ).
أرجوكم كفواعن ترديد عسى خير ,ليتكم تدركون كم من الانكسارات ومن الهروب نخفي وراءها !
مقلق جدا أن تضطر إجهاض كل أحلامك فقط لان وطنك قرر وانتهى الامر بأن الاحلام ليست بالمجان!
نعم .. في وطني للحلم ثمن , ثمنه عمرك ,وصحتك وسعادتك وحياتك بأكملها .
فقط دع كل ما تحب وراءك,اقتل طموحاتك,اجهض أحلامك وامضي مضطرا غير باغ وارضى بالفتات وردد :بلادي وان جارت علي عزيزة .. عزيزة ...عزيزة ..عزيزة ..عزيزة.................
وسط كل هذه المعمعة , عليك أن تعيد النظر جيدا في معادلتك للسعادة ,ستحتاج –بلا شك-مرارا وتكرارا أن تزيد من عواملك الحفازة الداخلية وأنت تبحث عن صبركبير ربما فقط لتعيش!
من قال بأن الاحلام بالمجان فقد كذب ..
في وطني ,قد يكون ثمن حلمك هو حياتك بأكملها !
2:32 م
28\12\2011
shell
كل الشكر رحمة ..
ردحذفروعه الله يعطيج الف عافية
ردحذف