بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 8 أبريل 2010

ارجع يا زمااااان

على خشبة المسرح والعميد ذو الكاريزما الرائعة يلقي كلمته, جلس جميع الخريجين منصتين بمبالاة واضحة غير معهودة , عندها طفقت في الذاكرة ذكريات بعيدة,واختلطت أصوات كثيرة , وتشابكت مشاهد وأحداث وحكايات بلا تواريخ محدده ببعضها البعض... ثمة وخز أصاب الفؤاد, وعبرات اكتست بها العيون...



بدأت الحكاية منذ ثمانية عشر عاما, وطفلة مدللة ذات السادسة إلا ثلاثة اشهر , تتخذ من دموعها سلاحا لترفض به الذهاب إلى المدرسة التي يفصلها شارع يضج بالحركة عن منزلهم الصغير..وحدها خديعة ابلة (سعيدة الشريرة ) انطلت على طفلتنا المدللة (ماما حتروح تعملنا غدا وحتيجي),,, حتى شوكولاه القريبة عائشة فشلت في المهمة..


لم تكن أبله سعيدة الشريرة لتتوانى يوما عن رمينا بحبات الطباشير التي تكون قد أصبحت صغيره من عنف أبله سعيدة التي تضغط عليها بقوه عندما تكتب على السبورة ... و الرمي بحبات الطباشير كان كعقاب لعدم الاستماع إلى شرحها, أو على البكاء كإعلان لرغبه وجود الماما معنا في غرفة الفصل (: , أما لعدم كتابة الواجب المنزلي فكان هنالك حكاية أخرى !!!


مر العام الأول بسلام , ونجحت فيه طفلتنا المدللة بأُعجوبة , فدرجة واحدة فقط كانت تفصلها عن الرسوب!!!


ليتني املك عنوان أبله سعيدة الطيبة لأشكرها على السنة التي أهدتني إياها من عمري القصير !! شكرا لك أبله ..كم أنا ممتنة لك..


بعد تجربة الأول الابتدائي التي لا أزال أدين لها بالكثير إلى الآن , ثمة علاقة حميمية كبيره أصبحت تربطني بالمدرسة والكتب الدراسية , لتصبح الدراسة وحدها وفقط هي هاجسي في الأحد عشر سنه القادمة , ولتنال الطفلة المدللة دوما ترتيبا لا يقل عن الثالث في فصلها!!


وصلت إلى الاعداديه ولا زال صوت ابلة ناهد مؤنبة زميله تجلس بمحاذاتي يتردد في مسامعي( عمى ف عينك ع الصبح)


وأنا اهمس في ذاتي مدافعه عن جارتي ( عمى ف عينش انتي)....


في الثاني الإعدادي كانت اول تجربة حب لي مع معلمه اقل ما يمكن ا ن أصفها به هي أنها رائعة,, لم تتكرر التجربة بعدها إلا مره واحده لألعن بعدها كل معلمات الدنيا إلى أن يرث الله الأرض وما عليها ( والله لا يسامحك يا أبله ناني لا دنيا ولا آخرة)..


صراع داخلي يدور بصمت في أرجاء عقل مراهقة لم تتجاوز الثالثة عشر, ورغبة حقيقة لرفض واقع غبي علانا أن( لا) لمزيد من الكبت...


معلمة اللغة العربية : بما أن اليوم يصادف عيد المعلم , فسيكون موضوع التعبير لهذا الشهر عن المعلم , على أن تسلمن الموضوع بعد غد , وسيتم تكريم أفضل ثلاثة مواضيع وقراءتها في الفصل..


كان من الطبيعي جدا أن تسعى جميع الطالبات بالبحث عن أكثر الأساليب والعبارات تأثيرا في مدح المعلم لنيل شرف التكريم , بحيث لا يكاد أن يخلو أي موضوع من الجملة الاتيه( المعلم هو شمعه تحترق لتضيء درب الآخرين ) أو ( قم للمعلم وفه التبجيلا ----- كاد المعلم أن يكون رسولا).. باستثناء تعبير مراهقتنا الذي استهلته بعنوان ( بعض الأخطاء التي يقع فيها المعلم , وآثارها السلبية على طلابه)


جمعت كراسات التعبير , واتت أبله (جميلة ) لتعلن لنا عن أفضل ثلاثة مواضيع


1-جوخة


2- أمل


3- افتتان


واثنت على مواضيع جيده أخرى كموضوع ابتسام , و زوينه وربما لأسماء أخرى لا اذكرها.


ناولتني دفتري بعدها وقالت موجهة خطابها لزميلاتي ف الفصل : ستقرأ رحمة موضوعها , ولتصغين جيدا لما ستقراه...


قرأت العنوان بكل فخر وبأعلى صوتي , لأرى كل العيون تنظر إلي بدهشة, وبشيء من الاستخفاف, حين انتهيت, سألت الاستاذه الزميلات الفاضلات: ما رأيكن؟؟


صمت الجميع، لم تتجرا إحداهن على النطق بكلمه...


صمتت ابلة جميلة هي الأخرى, وكان صمتها كسكين غرست في قلبي الصغير ..وقفت وقلت لها: أستاذه أنا اعرف أن موضوعي لم يعجبك, وبأنك غاضبة مني لأنني لم امدح المعلم كما فعلت زميلاتي, ولكن ما كتبت هو رأيي في المعلم,, انتم دائما تلقون كل اللوم على الطلاب وترفعون من قدر المعلم , ولكن المعلم يخطئ ويجب أن نتحدث عن جانبه السلبي أيضا.. لم يعجبك موضوعي لأنكم اعتدتم على معاقبة الطالب إذا اخطأ, ولكن المعلم لا يعاقب أبدا .. وجلست على كرسي بعدها ليرن الجرس معلنا انتهاء حصة اللغة العربية...


كم كرهت زميلات ذاك الصف وقتها , غبيات, ولا يستخدمن عقولهن أبدا


أستاذه جميلة: لست اقل غباء منهن(آسفة ولكنك بالفعل كذلك)


كبرت وأصبحت في الثانوية ( وما ادرئكم ما الثانوية)


بدأت عندها شخصيتي المتمردة الاستقلالية تظهر بشكل واضح وكبير وأبله (زينه) وحدها من فهمت هذه المتمردة التي هي أنا , فما كانت لتناديني سوى (freedom)...


كنت ارفض حضور الطابور الصباحي لان كل ما يقال في الإذاعة المدرسية لم يكن سوى كلاما فارغا بالنسبة لمحبطة خذلها منهاج دراسي علقت عليه كثيرا من الآمال..


الدراسة الجامعية:


مرت فيها السنوات الدراسية سريعا جدا, لنكبر فيها كثيييييييرا وتنضج معها خبرتنا الحياتية, وتزداد همومنا لتتجاوز هواجسنا الدراسة فحسب متعدية إياها بحدود بعيده


تشيخ أحلامنا, ويتربص بنا القلق من القادم , ولا يزال الخوف من الفشل يلازمنا حتى هذه الدقيقة...


ينهي العميد كلمته , ويبدأ بعدها بتوزيع الأسلحة التي ناضلنا سنين طوااال لننال شرفها ...


وصل دوري لاستلم سلاحي,, تمنيت وقتها لو يعود بي الزمان إلى الوراء , لأغير الكثير , وافعل الكثير والكثير ,, لأجمع فتات أمل نثرته في محطات بعيده لا أكاد اذكر طريق العودة إليها, لانتشل روحا أعيتها دقائق الزمن حسرة وندما , لأرتوي من تجارب رحلت عنها بجهل غير متعمد قبل أن استوعب دروسها, لأرتمي في حضن كتاب اعتقدت لوهلة انه ليس سوى وريقات حقيرة وليذهب ما فيها أدراج الرياح,لأجلس على حصير احمر زاهي افترشته ذات يوم آمال عظام, لأبكي على ذكرى ماتت دون أن أودعها...


لو عاد بي الزمان إلى الوراء لغيرت الكثير ولمحوت الكثير والكثير والكثير


لكنه لن يرجع أبدا ......


11:30 م


7:ابريل:2010


إبـــــــــــــــــــــــــرا

















ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق